مقال: خطابات وتعاملات عنصرية في القنصلية المغربية ببورسودان

مقال بقلم : سامي محمد احمد
يتفاجأ العديد من المواطنين السودانيين، بل ويصدمون، منذ مدة ليست بالقصيرة، من بعض الخطابات والتعاملات العنصرية، لبعض الموظفين المغاربة الذين يداومون في مكاتب القنصلية المغربية، المتواجدة حاليا، بسبب ظروف الحرب، في شقق فندقية من الدرجة الثالثة في حي السوق ببورت-سودان.
وحاول العديد من المواطنين السودانيين الحصول على تأشيرة الدخول إلى المغرب في الفترة الأخيرة، لكن جميع محاولاتهم باءت بالفشل ورجعوا خائبين.
وإن كان مفهومها ومتقبلا أن تمنع دولة ما التأشيرة عن مواطني دولة أخرى، بسبب ظروف الحرب، ولاعتبارات أمنية تخصها، لأن ذلك يدخل في نطاق سيادتها، إلا أنه ليس من حق موظفيها توجيه خطابات عنصرية، وتصدر عنهم تعاملات لا إنسانية وتحقيرية، تضرب في العمق أواصر العلاقات الثنائية. فالحرب ستضع أوزارها مهما طالت، لكن السلوكات العنصرية والتحقيرية ستبقى محفورة في القلوب والنفوس.
مناسبة هذا الكلام هو رفض بعض صغار الموظفين في القنصلية المغربية، معالجة حالات السودانيين الراغبين في الحصول على تأشيرة الدخول إلى المغرب، وهم متزوجون من مغربيات ولديهم أبناء وممتلكات في المملكة المغربية، فالقوانين الدولية والوطنية تضمن لهذه الفئة حقها في الحصول على تأشيرة والالتحاق بعائلاتها.
وقد تلقينا العديد من الشكايات في هذا الشأن من طرف العديد من المواطنين السودانيين من هذه الفئة، فكان علينا التأكد منها وتوجهنا بأنفسنا إلى المكاتب المؤقتة للقنصلية المغربية، لنتفاجأ بكلام الموظفين هناك وهم يقولون لنا :”لماذا سيتزوج مواطن سوداني بمغربية؟” و”ليس من حق السودانيين الزواج بمغربيات”، وبالدارجة المغربية “آش داه يتزوج بمغربية؟”.
إضافة إلى هذا الخطاب العنصري المقيت الذي يرافقه سوء الاستقبال والتعامل، أخبرنا موظفو القنصلية أن “هذا هو الموقف الرسمي للدولة المغربية التي لم تعد ترغب في زواج السودانيين بالمغربيات، لهذا قررت منع التأشيرة عن جميع السودانيين” حتى المتزوجين أصلا ولهم أبناء مغاربة.
إن ما يصدر عن هؤلاء الموظفين في القنصلية المغربية ببورت-سودان، كلام خطير جدا، حيث يبررون ما يقومون به، باسم الدولة المغربية التي طالما ربطتها علاقات روحية وتاريخية وثقافية وثيقة مع السودان والسودانيين.
إن ترك الدبلوماسية المغربية لمثل هؤلاء الموظفين في الواجهة لتمثيل بلادهم لدى السودانيين، هو جريمة في حق مجهودات المغرب على مستوى القارة الإفريقية، وجريمة في حق العلاقات الثنائية بين البلدين.
على الرباط أن تتحرك على هذا المستوى وتحل مشاكل المواطنين السودانيين الذين لديهم عائلاتهم المغربية التي تنتظرهم منذ أسابيع وأشهر. وعليها أيضا أن تملأ الفراغ الدبلوماسي المتعلق بموقف المغرب مما يحصل في السودان.
إن صمت الرباط وعدم إدانتها لجرائم الدعم السريع، وعدم دعمها للحكومة الحالية، بحجة أن الأمر نزاع داخلي، فيه الكثير من الحيف في حق السودان والسودانيين الذين دعموا ويدعمون مغربية الصحراء، رغم أن الكثيرين يرونها شأنا داخليا مغربيا.
لا فرق بين ميليشيا حمتي وميليشيا بوليساريو، سوى من يقف وراءهما وكيف يدعمهما، وعلى موظفي القنصلية المغربية أن يفهموا السياسة قبل الإدلاء بآراء لا يفقهونها وينسبونها إلى السلطات العليا في بلادهم. وبدل ذلك عليهم أن يركزوا على عملهم ويؤدوه بأمانة واحترام بعيدا عن العنصرية المقيتة.