آخر الأخبار

الفيفا ضد جوجل: جياني إنفانتينو يسعى لإسكات وسائل الإعلام

إن الإجراء القانوني الذي اتخذته الفيفا ضد جوجل، بسبب التشهير المزعوم الناتج عن ظهور موقع ويب في نتائج بحث جوجل، يثير مخاوف كبيرة بشأن حرية التعبير والمساءلة والعواقب الأوسع نطاقًا على المبادئ الديمقراطية. وفي حين أن رغبة الفيفا في حماية سمعتها أمر مفهوم، فإن هذه القضية توضح المخاطر المحتملة المرتبطة بالكيانات القوية التي تستخدم السبل القانونية للسيطرة على السرد المحيط بها، وهو ما قد يخلف آثارًا مخيفة على حرية التعبير والخطاب الديمقراطي.

ممارسات الفيفا المثيرة للجدل

إن تاريخ الفيفا مشوب بالعديد من مزاعم الفساد والتلاعب والممارسات غير الأخلاقية، وخاصة فيما يتعلق بحوكمة كرة القدم في أفريقيا. ومن أبرز الأمثلة على ذلك التورط المزعوم للفيفا وإنفانتينو في التأثير على قيادة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم. فقد اتُهم إنفانتينو بلعب دور مباشر في تعيين رؤساء الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، وهي ممارسة يراها كثيرون تجاوزًا لسلطة الفيفا وتلاعبًا باستقلال حوكمة كرة القدم الإقليمية.

وبالإضافة إلى ذلك، هناك اتهامات خطيرة بأن إنفانتينو استخدم لجنة الأخلاقيات التابعة للفيفا كأداة لإقصاء المعارضين وتعزيز سلطته، وخاصة في القارة الأفريقية. ويزعم المنتقدون أن لجنة الأخلاقيات، التي صُممت ظاهريًا لدعم النزاهة داخل الفيفا، تم تسليحها لاستهداف أولئك الذين يتحدون سلطة إنفانتينو. ولا يقوض هذا التلاعب شرعية هياكل حوكمة الفيفا فحسب، بل يثير أيضًا مخاوف بشأن نزاهة وشفافية عملياتها.

المخاطر التي تهدد حرية التعبير

إن الدعوى القضائية التي رفعها الاتحاد الدولي لكرة القدم تسلط الضوء على التوتر القائم بين إدارة السمعة وحرية التعبير. ففي جوهرها، تتحدى هذه القضية التوازن بين حق الفرد أو المنظمة في حماية سمعتها وحق الجمهور في انتقاد المعلومات ونشرها، حتى وإن كانت انتقادية. والخطر هنا هو أن نجاح الفيفا في تحقيق هذه النتيجة قد يشجع المنظمات والأفراد الأقوياء الآخرين على استخدام قوانين التشهير لإسكات المنتقدين وقمع المحتوى الذي يجدونه غير ملائم.

وذكرت وسائل إعلام سويسرية أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) رفع دعوى قضائية سعيا إلى إسكات شركة جوجل والسيطرة على تدفق المعلومات حول المنظمة.
وإذا بدأت المحاكم في الانحياز إلى أطراف مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم في مثل هذه القضايا، فقد يؤدي هذا إلى منحدر زلق حيث قد تصبح محركات البحث وغيرها من المنصات حذرة بشكل مفرط، مما يؤدي إلى زيادة الرقابة. وقد تؤدي هذه الرقابة الذاتية إلى خنق المناقشات المهمة والحد من تنوع وجهات النظر المتاحة على الإنترنت، وهو أمر ضروري للديمقراطية الصحية. وقد يؤدي الخوف من التقاضي إلى ردع الأفراد والكيانات الأصغر عن التعبير عن آراء مخالفة أو انتقادية، مما يقوض مبدأ حرية التعبير بشكل أساسي.

المخاوف المتعلقة بالمساءلة والشفافية

وهناك قضية أخرى مهمة تتعلق بالتأثير المحتمل على المساءلة. فالمنظمات مثل الفيفا، التي كانت متورطة تاريخيا في جدالات، لابد أن تظل مفتوحة للتدقيق. والمساءلة العامة تشكل حجر الزاوية في المجتمعات الديمقراطية، وتضمن محاسبة الكيانات القوية عن أفعالها. وإذا نجحت الفيفا في إزالة المحتوى الناقد تحت ستار التشهير، فقد يشكل ذلك سابقة تسمح للمنظمات بالتهرب من التدقيق من خلال إسكات الأصوات المعارضة، وبالتالي تآكل الثقة العامة والشفافية.

في العصر الرقمي حيث تنتشر المعلومات بسرعة وعلى نطاق واسع، تلعب محركات البحث مثل جوجل دوراً حاسماً في ضمان إتاحة وجهات نظر متنوعة للجمهور. والحد من هذا الوصول من خلال إزالة المحتوى قد لا يقلل من المساءلة فحسب، بل يؤدي أيضاً إلى جمهور أقل اطلاعاً، وهو ما يضر بالعملية الديمقراطية.

التهديد للمبادئ الديمقراطية

إن الديمقراطية تزدهر من خلال التبادل الحر للأفكار، حيث يتم إعلام المواطنين، ويمكنهم التعبير عن آرائهم، ومحاسبة أصحاب السلطة. وإذا نجحت الإجراءات القانونية التي اتخذتها الفيفا، فقد تؤسس لإطار عمل يسمح للكيانات القوية بالسيطرة على النظام البيئي للمعلومات لصالحها. وقد يؤدي هذا إلى نسخة معقمة من الواقع، حيث لا يُسمح إلا للروايات الإيجابية بالانتصار، مما يؤدي إلى بيئة حيث يتم تثبيط المعارضة، وإضعاف المشاركة الديمقراطية.

وعلاوة على ذلك، قد تؤثر هذه القضية على كيفية تعامل السلطات القضائية الأخرى، وخاصة تلك التي تفرض حماية أقل صرامة لحرية التعبير، مع قضايا مماثلة. فالطبيعة العالمية للإنترنت تعني أن السوابق القانونية التي تنشأ في بلد واحد قد يكون لها آثار بعيدة المدى، مما قد يلهم الأنظمة الأكثر قمعا لتبني تكتيكات مماثلة لقمع المعارضة.

خاتمة

ورغم أن الدعوى القضائية التي أقامتها الفيفا ضد جوجل قد تبدو وكأنها قضية واضحة لمنظمة تسعى إلى حماية سمعتها، فإن العواقب الأوسع نطاقاً أكثر إثارة للقلق. وتسلط هذه القضية الضوء على التوازن الدقيق بين حماية السمعة وحماية حرية التعبير والمساءلة والديمقراطية. وإذا بدأت الأنظمة القانونية في إعطاء الأولوية لمصالح الكيانات القوية على الحق في حرية التعبير، فقد تكون العواقب وخيمة، مما يؤدي إلى مجتمع أكثر تحكماً وأقل انفتاحاً حيث تكون المبادئ الديمقراطية معرضة للخطر.

إيميليانو فيفانتينيو

تعليقات من فيسبوك

لا تنسخ! شارك الرابط بدلا عن ذلك