الخبير الإستراتيجي د عبدالقادر إبراهيم يكتب..خطاب المتمرد حميدتي ؛ مرثية للجاهزية والقضية والبكاء على أشلاء امبراطورية تبخرت مثل حلم ليلة صيف

الخبير الإستراتيجي د عبدالقادر إبراهيم يكتب:
كعادته في خطاباته الموسمية القادمة من عالم النسيان جاء الخطاب الأخير للمتمرد حميدتي .. ففيه أرسل مايمكن تسميتها ب ( جرعات تنشيطية واحدة لنفسه يطمئنها فيها بأنه موجود.. وأخرى تحمل توسلاته للأوباش المعردين بالصمود في هذه المرة تخلى عن بهرج وبروتكولات السلطة فاختفى ديكور المكتب الرئاسي واستغنى عن الخطاب المعد بعناية .. وراح يرتجل خطبة وداعه ويتداعى كما يريد، يقول بالشئ وضده و يؤكد شيئا ثم يعود فينقضه.
ومن شاهد التسجيل سيظن كل الظن ان المتمرد ركب كبسولة زمنية عادت به سنوات طوال للوراء فلبس الكدمول بوجه أغبش وزي أغبر وعاد إلى لغته ومفرداته الشتراء، فـارق الرجل بهرج السلطة والعيش الرغيد و تحول لمتهم هارب ومطلوب
للعدالة يعيش في البيداء يقتله الظمأ وتلفحه سموم الصيف ووعثاء الصحراء.
هذا من حيث المظهر أما من حيث المضمون. فقد كانت هذه رسالته الأخيرة قبل الاستسلام وإعلان الهزيمة والنعي الأخير لمشروع دولة العطاوة وإفلاس إمبراطورية آل دقلو وتبخر حلم الإمارة وأوهام النفس الأمارة .
وكعادته أيضا في سياسة الكذب والتضليل نفى المتمرد الهارب، هزائمه العسكرية والأخلاقية.. كما أنكر ارتكاب المليشيا لجرائم القتل والسحل مبرءا الأوباش من اقتراف أي مجازر أو حمامات .دم.. ليعود من حيث لايدري مثبتا التهمة على نفسه.. حين اعترف بإعـداده قوائم إعدام جاهزة بأسماء الفلول الذين ستتم تصفيتهم خارج القانون عند وصولهم للشمالية.. مثلما حدث في النهود والخوي ..وغيرهما.
ولا كساب تهديده ووعيده صدقية مستعارة تعمد زعيم المليشيا الإكثار من الحلف واليمين
المغلظ مايدرجه ضمن كل حلاف مهين ومعتد أثيم .. هذا الخطاب أيها السادة تعبير عن حالة يأس وهزيمة نفسية حادة، ولا أدل على ذلك من
إضافته مصر واريتريا وايران لقائمة دول الضد .. خطوة فسرها الخبراء بأنها تعبر عن مواقف الكفيل الإماراتي المحبط أكثر من قناعات المليشيا
المهزومة.
أما عن تعهداته بالعودة لأمدرمان وغزو الشمالية فهي تنطوي على حيلة ماكرة فلم تعد العاصمة المستحيلة والشمالية العصية ضمن بنك أهدافه.. ولكن ربما كانت المليشيا وداعميها يخططون لهجوم مباغت على الأبيض بشمال كردفان أو هجوم انتحاري على الفاشر بشمال دارفور.. خطة في ظنهم ستربك متحرك الصياد ، وتعطل مسيرته الظافرة تلقاء حواضر دارفور فالمليشيا السريعة الذوبان وزعيمها الذي يتحدث من عالم النسيان وهم يرون الارض تميد من تحتهم لا يطمعون في غير النجاة ولا يحلمون بأكثر من البقاء علي قيد الحياة لفترة تطول أو تقصر .
انها مرثية للجاهزية والقضية والبكاء على أشلاء امبراطورية تبخرت مثل حلم ليلة صيف..