حزب الأمة بدون الصادق المهدي.. من يسقي الزهور؟!

بقلم: صديق دلاي

من زمن بعيد كانت الأسئلة مطروحة لإحراجه والإمام يشرب شائ اللبن في ورشة عن المستقبل والديمقراطية , من خليفتك في رئاسة الحزب وما هي مواصفاته كما طرحت الاسئلة متكررة امام الصادق ذاته بخصوص أولاد والقسمة الضيزي وأجيال من شباب الحزب لم يظهروا أبدا في كابينة القيادة بينما الصادق الذي يتنفس نقاشا وتحولا وديمقراطية ينحني أمام تعيين مريم بنته نائبا للرئيس , ولم يجد مفر في شرح ظهور أصهاره في مناصب عليا ودنيا , وكان السؤال دائم عن (ما الذي أستعصي) عن الصادق لإبعادهم نهائيا والسماح لقمارئ وحمائم الحزب التحليق والتغريد في سماء الأمة وكيان الأنصار , ما الأمر الصعب الذي منع الامام المثقف جدا والديمقراطي للحد البعيد أن لا يسمح لحزبه بتمارين حتمية ومعارك ضرورية وحيوية مطلوبة للتقدم والازدهار السياسي والتنظيمي حتي يهل هلالهم

 نجح الصادق في الإجابة علي كل تلك الأسئلة ولكن (علي طريقته) فقد كان يسيطر علي كل العملية الديمقراطية داخل الحزب وامام الناس في اجتماع الهيئة العامة ومفضياتها , ثم الصراع والتكتل والانشقاق ولو كنا منصفين  فقد كانت بالفعل معارك حقيقية مثل التي جرت في مناخ جيد بين إبراهيم الأمين وصديق إسماعيل علي الأمانة العامة , ثم  كيف حصل علي الإمامة , وكيف خرج الكبار من الحزب في مقامات أهل التأسيس والحل والعقد والجهات والقبائل

إنجاز لا يمكن تجنبه أن أستمر المهدئ يسير بالحزب في تمارين تبدو وكأنها ديمقراطية لولا أنتصاراته في نهاية المطاف بنتائج كونه رئيسا مستمرا معه من يريد , ونحتاج لفحص دقيق لفهم محتويات صندوق المهدي , لأنه شاهد عصر علي مزاج الحزب وإمكانياته وقدراته لتحقيق قدرا يناسبه في الديمقراطية , ومن الواضح أن الراحل الصادق المهدي كان يفهم أكثر من اللأزم في شؤن الحزب والانصار , وهو يتحمل دهشة المراقبيين اللبراليين الديمقراطيين وهم يضعون له الخيارات التي تليق به دمقراطيا متراسخا , لتعيين مثلا زينب العمدة بدلا عن مريم الصادق , محمد فولة  أو عصمت الدسيس بدلا عن عبد الرحمن الغالي ذات يوم ,او غيره من أهل البيت المهدوئ في سدة حكم الحزب , ولعبة الامام الراحل مع وضوحه الشديد في الحجة الديمقراطية في كل خطي الحزب كان يحتفظ علي الدوام ب(أصل الحكاية) لكنه لم يستطع أبدا إخفاء حبه للضعفاء من حوله حينما يظهرون بخيارات تبدوا ديمقراطية والبداعة بكونها تفهم  كخيارات المنتخبة مستفيدا من الحب الكبيروالبريق من وهجه في التفكير والحجة ثم التقدم بوصفته عن طريق جماهير الأنصار أنفسهم

مرة ثانية , ما الصعب لدي الراحل الصادق لانجاز حجة اللبراليين الديمقراطين من داخل حزب الأمة والكيان وهو أستاذ متمرس في خلط الأوراق والتقدم بهجين الحل الثالث

والإجابة لابد أن تحتوي شرحا وتفهيما عن الإطار كله حول الحياة السياسية المكدسة في مربع الأنتظار والمعطلة بسبب السنوات الصامتة طوال زمن الإنقاذ أجبرت الإمام الراحل أن يكتفئ بتلك التمارين الديمقراطية المحدودة ومع أسباب أخري منها لياقة السودانيين عموما في العمل السياسي المفتوح والتجرد له ودعمه بعد الإيمان به كجزء من حياتهم لانتاج ما يليق بهم من حيوات في الفكر والثقافة والأدب والإقتصاد وتلك منقوصات شاهدة بان الإمام الراحل كان محاط بأزمات مرحلة  من بيئة السودانيين , ربما كان الضعفاء من حوله كانوا جزءا من تلك الأزمات المرحلة

ومرة ثالثة فالموضوعية تجبرنا ان نشك في سلامة خيارات الأمام الراحل وكأنها أقصي ما يمكن فعله في التمارين الديمقراطية المنتظرة لقيادة في مقامه شكلا ومضمونا

سنقف طويلا لفهم قوة وظلال وأثار الإمام الراحل الصادق المهدئ , وكيف وضع بصمته علي كل أنصارئ وحزب أمة , بالمحبة والإلهام , فصار رئيسا للحزب 40 عام لم يكن مستبدا ولا طاغية بل كان حريص علي إقامة المظاهر الديمقراطية بالتمارين المعقولة والنقاش المستمر يزاحم حتي الليبراليين بعد أسئلتهم المعيقة ودهشتهم لرجل يتنفس الديمقراطية لكنه يقرب أبناؤه في الكابينة والمناصب  ويجيب علي المحتج  بنفس ادوات التقدم جاؤ بكسبهم وتأهيلهم , ولكنهم لو تأخرؤا في الصفوف وتقدم غيرهم بالأدوات الحرة بعيدا عن بريق الأمام الراحل والتي علي طريقته تبدو ايضا ديمقراطية جدا

ليس بصمة الإمام الراحل وحدها كانت واضحة وحقيقية بل أن حزب الأمة ظل الحزب الأكثر خصوبة وتنظيم ومدافعة في بناء لياقته وفي بناء هياكله وتبريز قياداته  مهما كانت من مستويات وقدرات ولكن مازالت ملاحظات اللبراليين مستمرة , تطرح الاسئلة وتطلب المزيد وظل المهدئ يسير في ذات الخط يؤسس حزبا بلون ديمقراطي مؤسساته وأجسامه  وتمارينه ومعاركه , مع بقاء الحيرة كيف يحكم حزبا بكل ذلك الحرص محكوما من رئيس واحد طوال 40 عاما والإجابة ربما لا يستوعبها المنتقدين في نسختهم الأولي , لن يعيدوا النظر في ديمقراطيات العالم الثالث وطبيعة الجماهير الطائفية والمسافة الدائمة بين الواقع والمثال , فمن يلوم الإمام الراحل وقد بني حزبا وكيانا ربما من مجتمع طائفي ظل متمسك بالرمز والكاريزما فوق الأدوات المباشرة في ديمقراطية الليبراليين ,  من يلومه بأسئلة بسيطة لم تستوعب طبائع الإمور لإدارة مجتمع سياسي مصاب بعلل كثيرة ومثقل بأزمات تخص الأمة والإنسان السوداني في مناكفة تتبادلها الايام والسنين من عمر وطن تأخر عن الأمم من حوله

الإمام الراحل وحزبه جزء من كل ذلك فكيف ننصف الرجل وحزبه ونوصف الدائرة بتعريف الهندسة إنصافا عادلا لا ظلم فيه ولا غرض ولا أمنيات زائدة ان لم نضطر ونسميها أمنيات مزيفة