رسميا: السودان يشكو الإمارات لمجلس الأمن بسبب المرتزقة كولومبيين

نقلا عن وكالة المحقق الأخبارية
رفع السودان، أمس (الجمعة)، شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي يتهم فيها دولة الإمارات العربية المتحدة بالتدخل المباشر في حربه الدائرة، عبر تجنيد وتمويل ونشر مئات المرتزقة الكولومبيين للقتال في صفوف قوات الدعم السريع المتمردة.
وفي رسالة موجهة إلى رئيس مجلس الأمن، قدّم المندوب الدائم للسودان، الحارث إدريس الحارث، ما وصفها بأنها “أدلة دامغة وموثقة جيداً” حول دور الإمارات في إطالة أمد الصراع. وأكدت الرسالة أن هذا التدخل يشكل “انتهاكاً خطيراً لسيادة السودان” و”تهديداً مباشراً للسلم والأمن في المنطقة”.
ووفقاً للشكوى، جرى تجنيد ما بين 350 و380 مرتزقاً كولومبياً، معظمهم عسكريون متقاعدون، من خلال شركات أمن خاصة تتخذ من الإمارات مقراً لها. وحددت الشكوى بالأسم مجموعة “جلوبال سيكيوريتي سيرفيسز جروب” (GSSG) التي يرأسها المواطن الإماراتي محمد حمدان الزعابي، ووكالة الخدمات الدولية (A4SI) التي شارك في تأسيسها الكولونيل المتقاعد ألفارو كيخانو، والذي يُعتقد أنه يدير عملياته من مدينة العين الإماراتية. وقد تم تضليل معظم المجندين بالاعتقاد بأنهم سيعملون في وظائف أمنية، ليجدوا أنفسهم وقوداً للحرب في السودان.
الوثائق التي قدمها السودان كشفت أيضاً عن المسار اللوجستي المعقد الذي سلكه المرتزقة، حيث تم نقلهم جواً من الإمارات إلى الصومال، ومنها إلى بنغازي في ليبيا بمساعدة ضباط موالين للجنرال خليفة حفتر، قبل أن يتم نقلهم براً عبر تشاد وصولاً إلى الأراضي السودانية. ويقول السودان أنه خلال الفترة من نوفمبر 2024 إلى فبراير 2025، سيّرت طائرات إماراتية مستأجرة 248 رحلة لتهريب المرتزقة والمعدات العسكرية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع في نيالا والفاشر وحمرة الشيخ.
وتتهم الشكوى المرتزقة بالمشاركة المباشرة في معارك الخطوط الأمامية في عدة جبهات، من بينها الخرطوم وأم درمان، بالإضافة إلى الحصار المفروض حالياً على مدينة الفاشر بشمال دارفور. وشملت مهامهم تشغيل الطائرات المسيّرة والمدفعية والعربات المدرعة التابعة لقوات الدعم السريع. وقد تم توثيق وجودهم بمقاطع فيديو نشرها الجيش السوداني، الذي أعلن في حادثة شهيرة عن تدميره طائرة إماراتية كانت تقل مرتزقة إلى دارفور، مما أدى إلى مقتل العشرات منهم.
ومن أخطر الاتهامات التي وردت في التقرير، استخدام المرتزقة لأسلحة محظورة دولياً وتدريبهم لأطفال مجندين. واستندت الشكوى إلى أمر عمليات من 18 صفحة تم ضبطه، وهو مكتوب بالإسبانية ومؤرخ في 1 ديسمبر 2024، ويحتوي على تعليمات صريحة باستخدام ذخائر الفسفور الأبيض من قبل كتيبة “ذئاب الصحراء” في الفاشر، علماً أن القانون الإنساني الدولي يحظر استخدام هذه الأسلحة الحارقة في المناطق المأهولة بالمدنيين. كما تضمنت الوثيقة صوراً فوتوغرافية تظهر مرتزقة وهم يدربون أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم 10 إلى 12 عاماً.
وأكدت الحكومة السودانية أن أنشطة المرتزقة أدت إلى “انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان”، موثقةً مقتل 73 مدنياً على أيديهم في الفترة ما بين 22 يناير و11 فبراير 2025.
ولم تتوقف الاتهامات عند هذا الحد، بل شملت قيام الإمارات باستغلال شبكاتها اللوجستية لتهريب موارد السودان الطبيعية، وعلى رأسها الذهب والصمغ العربي.
وأشارت الشكوى إلى أن قضية تجنيد المرتزقة حظيت بتغطية إعلامية واسعة في كولومبيا، ولاقت إدانة علنية من الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، الذي أكد بنفسه مقتل 40 مرتزقاً كولومبياً على الأقل في السودان. هذا الوضع دفع الحكومة الكولومبية لتقديم اعتذار رسمي للسودان وإصدار تحذيرات لمواطنيها من مغبة التورط في صراعات خارجية.
من جهته، وجه رئيس الوزراء السوداني نداءً مؤثراً باللغة الإسبانية لوقف عمليات التجنيد.
وفي ختام رسالته، التي وصفت الإمارات بأنها “المهندس الشيطاني لمأساة السودان والعقل المدبر لآلته الحربية”، طالب السودان مجلس الأمن بفتح تحقيق فوري في هذه الادعاءات، ومحاسبة جميع الجهات المسؤولة، وتصنيف قوات الدعم السريع كجماعة إرهابية. كما طلب تعميم الرسالة ومرفقاتها كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن، لضمان إحاطة المجلس بكافة أبعاد الدور الخارجي في تأجيج الصراع.