الوطن للجميع.. كيف نساند الجيش و نبني الدولة ؟

أخبار سودان إكسبريس
بقلم – حسام الدين كرنديس
الوطن هو البيت الكبير الذي يجمعنا جميعا، وحمايته وبناؤه مسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطنين. لا يمكن أن يتحقق الاستقرار أو النهضة دون وعي جماعي بدور كل فرد في خدمة وطنه، الدعم لا يعني فقط رفع الشعارات أو الاكتفاء بالكلمات، بل هو فعل عملي يبدأ من مساندة الجيش السوداني والقوات المساندة له، ويمتد إلى الاقتصاد، والمجتمع، والبيئة، والحياة اليومية بأبسط تفاصيلها.
مساندة الجيش والقوات المساندة
الجيش السوداني يمثل العمود الفقري لحماية البلاد وحراسة حدودها وسيادتها، وهو الذي يضحي أفراده بأرواحهم من أجل بقاء الوطن آمنا. لذلك فإن الوقوف خلف الجيش ودعمه واجب وطني وأخلاقي لا يمكن التهاون فيه، هذا الدعم لا يعني فقط حمل السلاح، بل يشمل المساندة المعنوية من خلال رفع الروح الوطنية ونشر الوعي بأهمية دوره.
إلى جانب ذلك، فإن كل متخصص يمكن أن يقدم إسهاما مهما. الطبيب الذي يقدم خدمات علاجية للجنود والجرحى يسند المعركة بطريقة غير مباشرة، المهندس الذي يطور البنية التحتية أو يسهم في صيانة الطرق والمرافق الحيوية يخفف العبء على القوات المسلحة، المعلم الذي يغرس في الطلاب قيم الانتماء والفداء يربي جيلا يعرف قيمة الوطن، حتى الإعلامي، بدوره، يسهم في نشر الحقائق ومواجهة حملات التضليل التي تستهدف وحدة البلاد.
القوات المساندة للجيش و تقاتل تحت رايته من لجان المقاومة الشعبية بأسمائهم المختلفة، تحتاج أيضا إلى الدعم. هذه المؤسسات تقوم بأدوار تكاملية مع القوات المسلحة لحماية الداخل والمحافظة على أمن المجتمع، مساندتها تعني الالتزام بالقانون، والتعاون معها، وتقدير جهودها.
دعم الاقتصاد الوطني
من أكبر صور دعم الوطن أن يلتزم المواطنون بدعم الاقتصاد المحلي. فالاقتصاد القوي هو الضامن الحقيقي للاستقلال والسيادة. لا يمكن أن يظل الوطن قائما إذا كان اقتصاده ضعيفا ومعتمدا بالكامل على الخارج لذلك، فإن التهرب من دفع الضرائب أو الجبايات يشكل ضررا مباشرا على الوطن، لأنه يحرم الدولة من الموارد التي تحتاجها لتقديم الخدمات الأساسية.
لكن في المقابل، تقع على عاتق الدولة مسؤولية مراعاة الظروف المعيشية للمواطنين. تخفيف الأعباء الزائدة وتيسير سبل العيش الكريم ضرورة ملحة، فالمواطن لن يتمكن من الوفاء بالتزاماته إذا كان مثقلا بالغلاء وارتفاع الأسعار، السياسات الاقتصادية العادلة التي تدعم الإنتاج المحلي وتشجع الشباب على العمل الحر وتيسر الاستثمار، كلها خطوات تبني اقتصادا قويا يساند الجيش والدولة في معاركها الكبرى.
المسؤولية الاجتماعية ودور المواطن
الوطن لا يبنى فقط بالمشاريع الضخمة أو القرارات الحكومية، بل يبدأ من المبادرات الصغيرة. نظافة البيت والشارع أمامه، المساهمة في نظافة الحي وإصحاح البيئة، التعاون بين الجيران في ترميم المرافق العامة وتجميل الأحياء، كلها أعمال بسيطة لكنها تصنع تغييرا حقيقيا.
عندما يرى الزائر مدينة نظيفة ومنظمة يشعر بالفخر ببلادنا. وعندما يعيش المواطن في بيئة صحية تقل فيها الأمراض، يخف الضغط على النظام الصحي، هذه الخطوات الصغيرة تعكس صورة إيجابية عن وعي الشعب، وتعطي رسالة بأن المواطن شريك أصيل في بناء الدولة وليس مجرد متلق للخدمات.
العلاقة بين المواطن والدولة
الدعم المتبادل بين الدولة والمواطن هو الأساس. فالمواطن الذي يلتزم بالقوانين ويدفع ما عليه من واجبات يستحق أن يجد بالمقابل خدمات تليق بكرامته، الدولة من جانبها مطالبة بأن تكون عادلة في سياساتها، حريصة على تخفيف المعاناة، ساعية لتوفير فرص عمل، وصادقة في إدارة موارد الوطن، هذه المعادلة هي التي تحقق الاستقرار وتغلق الأبواب أمام الفتن والاضطرابات.
الوعي الوطني أساس الدعم
الوعي الوطني هو السلاح الحقيقي لأي مجتمع، عندما يدرك المواطن أن الجيش يقاتل من أجله، وأن الاقتصاد الوطني هو ما يضمن له حياة كريمة، وأن نظافة بيته وشارعه تسهم في صورة الوطن، عندها يصبح الدعم ممارسة يومية وليست مجرد واجب مؤقت.
إن نشر الوعي بقيمة الوطن ومكانته مسؤولية مشتركة بين الإعلام، والتعليم، والأسرة. فالأسرة التي تربي أبناءها على حب الوطن، والمدرسة التي تزرع قيم التضحية والانتماء، ووسائل الإعلام التي تسلط الضوء على التحديات والإنجازات، كلها تبني حصانة فكرية ضد الإحباط واليأس.
آخر الكلام
دعم الوطن ليس شعارا يرفع في المناسبات، بل هو واجب يومي يتوزع على أدوار مختلف من يقف خلف الجيش السوداني ويقدر تضحياته يسهم في حماية البلاد. ومن يلتزم بدعم الاقتصاد الوطني ويحارب الفساد والتهرب الضريبي يساهم في نهضة الدولة. ومن يحافظ على نظافة بيته وشارعه ويشارك في إصلاح الحي يضع لبنة في بناء المجتمع.
عندما يؤدي كل فرد دوره في موقعه، من الجندي في ميدان القتال إلى العامل في ورشته والطالب في فصله وربة البيت في منزلها، تتكامل الجهود لتشكل درعا منيعا يبني وطنا قويا وبقدر ما نعطي للوطن، بقدر ما يمنحنا الاستقرار والكرامة.